سورة سبأ - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (سبأ)


        


{الحمد لله} على جهة التَّعظيم {الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة} لأنَّ أهل الجنَّة يحمدونه.
{يعلم ما يلج في الأرض} يدخل فيها من الماء والأموات {وما يخرج منها} من النَّبات {وما ينزل من السماء} من الأمطار {وما يعرج} يصعد {فيها} من الملائكة.
{وقال الذين كفروا} يعني: منكري البعث: {لا تأتينا الساعة} أَيْ: لا نبعث {قل} لهم يا محمَّدُ: {بلى وربي لتأتبينَّكم عالمِ الغيب} بالخفض من نعت قوله: {وربي} وبالرَّفع على معنى: هو عالم الغيب، وقوله: {لا يعزب} مفسَّرٌ في سورة يونس، وقوله: {ليجزي} يعود إلى قوله: {لتأتينكم} معناه: لتأتينَّكم السَّاعة {ليجزي الذين آمنوا...} الآية.
{والذين سعوا في آياتنا} مفسَّر في سورة الحج.
{ويرى الذين أوتوا العلم} يعني: مؤمني أهل الكتاب {الذي أنزل إليك من ربك} وهو القرآن {هو الحقَّ ويهدي إلى صراط العزيز} القرآن.
{وقال الذين كفروا} إنكاراً للبعث وتعجُّباً منه: {هل ندلكم على رجل} وهو محمَّد صلى الله عليه وسلم {ينبئكم إذا مزقتم كلَّ ممزق} أَيْ: فُرِّقتم وصرتم رُفاتاً {إنكم لفي خلق جديد} أَيْ: تُبعثون.
{أفترى على الله كذباً} فيما يُخبر به من البعث {أم به جنة} حالةُ جنونٍ. قال الله تعالى: {بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد}.


{أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض} يقول: أما يعلمون أنَّهم حيث ما كانوا فهم يرون ما بين أيديهم من الأرض والسَّماء مثل الذي خلفهم، وأنَّهم لا يخرجون منها، فكيف يأمنون؟! {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السماء} عذاباً {إنَّ في ذلك لآية لكلِّ عبدٍ منيب} لعلامةً تدلُّ على قدرة الله سبحانه على إحياء الموتى لكلِّ مَنْ أناب إلى الله تعالى، وتأمَّل ما خلق الله سبحانه.
{ولقد آتينا داود منَّا فضلاً} ثمَّ بيَّن ذلك فقال: {يا جبال} أَيْ: قلنا يا جبال {أوّبي معه} سبِّحي معه {والطير} كان إذا سبَّح جاوبته الجبال بالتَّسبيح، وعكفت عليه الطَّير من فوقه تسعده على ذلك {وألنا له الحديد} جعلناه ليِّناً في يده، كالطِّين المبلول والعجين، وقلنا له: {أن اعمل سابغات} دروعاً كوامل {وقدِّر في السرد} لا تجعل مسمار الدِّرع دقيقاً فيفلق، ولا غليظاً فيفصم الحلق. اجعله على قدر الحاجة، والسَّرْد: نسج الدُّروع {واعملوا} يعني: داود وآله {صالحاً} عملاً صالحاً من طاعة الله تعالى.
{ولسليمان الرِّيح} وسخَّرنا له الرِّيح {غدوها شهر} مسيرها إلى انتصاف النَّهار مسيرة شهر، ومن انتصاف النَّهار إلى اللَّيل مسيرة شهر، وهو قوله: {ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر} أذبنا له عين النُّحاس، فسالت له كما يسيل الماء {ومن الجنِّ} أَيْ: سخَّرنا له من الجنِّ {مَنْ يعمل بين يديه بإذن ربه} بأمر ربه {ومَنْ يزغ} يمل ويعدل {منهم عن أمرنا} الذي أمرناه به من طاعة سليمان {نذقه من عذاب السعير} وذلك أنَّ الله تعالى وكَّل بهم ملكاً بيده سوطٌ من نار، فمن زاغ عن أمر سليمان ضربه ضربةً أحرقته.
{يعملون له ما يشاء من محاريب} مجالس ومساكن ومساجد {وتماثيل} صور الأنيباء؛ إذ كانت تصوَّر في المساجد ليراها النَّاس، ويزدادوا عبادة {وجفانٍ} قصاعٍ كبارٍ {كالجوابِ} كالحياض التي تجمع الماء {وقدور راسيات} ثوابت لا تحرَّكن عن مكانها لعظمه، وقلنا: {اعملوا} بطاعة الله يا {آل داود شكراً} له على نعمه.


{فلما قضينا عليه الموت ما دلَّهم...} الآية. كان سليمان عليه السَّلام يقول: اللَّهم عمِّ على الجنِّ موتي؛ ليعلم الإِنس أنَّ الجنَّ لا يعلمون الغيب، فمات سليمان عليه السَّلام مُتوكِّئاً على عصاه سنةً، ولم تعلم الجنُّ ذلك حتى أكلت الأرضةُ عصاه، فسقط ميِّتاً، وهو قوله: {ما دلَّهم على موته إلاَّ دابَّةُ الأرض تأكل منسأته} عصاه {فلما خرَّ} سقط {تبينت الجن} علمت {أنْ لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا} بعد موت سليمان {في العذاب المهين} فيما سخَّرهم فيه سليمان عليه السَّلام واستعملهم.
{لقد كان لسبأ} وهو اسم قبيلةٍ {في مساكنهم} باليمن {آية} دلالةٌ على قدرتنا {جنتان} أَيْ: هي جنَّتان {عن يمين وشمال} بستانٌ يمنةً، وبستانٌ يسرةً، وقيل لهم: {كلوا من رزق ربكم واشكروا له} على ما أنعم عليكم {بلدة طيبة} أَيْ: بلدتكم بلدةٌ طيِّبةٌ ليست بسبخةٍ {و} الله {ربٌّ غفور} والمعنى: تمتَّعوا ببلدتكم الطَّيِّبة واعبدوا ربَّاً يغفر ذنوبكم.

1 | 2 | 3 | 4